يريد القانون الجديد أن ينهي مع تشكيل الأحزاب السياسية من ضعف التمويل،
والمعايير المعتمدة في توزيعه في القانون السابق، من خلال تخصيصه لحصة
جزافية تستفيد منها كل الأحزاب المعترف بها قانونيا، ثم في مستوى ثان ضعف
هذه الحصة لمن يحصل على نسبة 3 في المائة وتقل عن خمسة في المائة من
الأصوات، وحصة أكبر لمن يتجاوز هذا السقف.
كما يريد الإنهاء مع التكتم الذي طبع تدبير مالية الأحزاب السياسية،
الذي جعل عبد السلام أبودرار رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة إلى
دق ناقوس الخطر، والإشارة إلى غياب شفافية تدبير مالية الأحزاب، فالقانون
الجديد يجعل من المجلس الأعلى للحسابات الجهة المختصة بافتحاص مالية
الأحزاب وتصريحاتها المقدمة، بل ويرتب الجزاء على الأحزاب التي لم تقدم
جرد مصاريفها ومداخليها إلى المجلس على أبعد تقدير في نهاية شهر مارس من كل
سنة، فهو في البداية يوجه لها إنذرا، ثم إذا لم تستجب تفقد حقها في
التمويل بمناسبة السنة الموالية، وهذابخلاف قانون الأحزاب السياسية لسنة
2006، الذي لم يكن يرتب الجزاء.
ولمن تسول له نفسه باستخدام تمويل الدولة للأحزاب السياسية في أغراض
أخرى، فالقانون يتوعده بأقسى العقوبات، فهو يجعل هذا الأمر جريمة اختلاس
للمال العام.
عقلنة المشهد الحزبي : صعوبة الاتحادات وفتح باب الاندماجات
بين تخصيص مسودة القانون التنظيمي الجديد للأحزاب السياسية لباب ينظم
الاندماجات بين الأحزاب، وإشارته فقط إلى الاتحادات لحزبية في حديثه عن
العناصر التي يجب أن تتضمنها الأنظمة الداخلية للأحزاب ومن بينها كيفية
الانضمام إلى الاتحادات الحزبية، يظهر تقليص إمكانات تأسيس الاتحادات
الحزبية، التي كانت مضمنة في القانون السابق المنظم للأحزاب السياسية.
التنصيص على الحق في اندماج الأحزاب سواء في حزب قائم أو حزب جديد،
يفتح بابا قانونيا لعقلنة المشهد الحزبي وتقليص عدد أحزابه، ولهذا نظم
القانون الجديد طريقة اتخاذ قرار الاندماج، فالمؤتمر الوطني للحزب هو الذي
يتخذ هذا القرار وليس المكتب السياسي أو المجلس الوطني، وقد طرح هذا
الإشكال غداة اندماج خمسة أحزاب وتشكيل حزب الأصالة والمعاصرة فانتصر
القضاء الإداري لإرادة المكاتب السياسية التي شكلت الاندماج رغم أن مثلا
عبد الله القادري الأمين العام للحزب الوطني الديموقراطي كان يرغب في
استعادة حزبه من الاندماج، فحكمت المحكمة بحل حزبه المندمج في حزب
التراكتور.
تأسيس الأحزاب: الحرية لكن بشروط
حافظ القانون التنظيمي على الحرية في تأسيس الأحزاب السياسية، لكن وضع شروطا على ذلك.
وبخلاف قانون الأحزاب السياسية السابق الذي كان ينص على أن يكون
المؤسسون للحزب ينتمون على الأقل لنصف جهات المملكة، فالقانون الجديد وسع
من الامتداد الجغرافي للمؤسسين للحزب ليشمل ثلثي جهات المملكة.
بلغة الحساب يتحدث أحد الأمناء العامين عن أن عدد الجهات في المغرب
سيتقلص، لهذا مثل النصف في القانون السابق مثل الثلين في القانون الجديد،
لكن يشير إلى أن الإشكال القانوني يطرح في تأسيس حزب جديد هو المتعلق
بالتصريحات الفردية للمؤسيسين وطبيعة التوقيع، فالقانون الجديد يكتفي
بالحديث عن توقيعات، ولا يحدد طبيعتها هل هي توقيعات مصادق عليها أم
توقيعات عادية، لماذا؟ لأن في حالة التوقيعات غير المصادق عليها، قد يطعن
بعض المؤسسين في توقيعاتهم، وعمليا يتم عرقلة تأسيس الحزب الجديد، ولا
يكون للجنة التحضيرية أي حجة قانونية للتأكيد على صحة توقيع من يطعن.
سنة ونصف أمام الأحزاب للملاءمة
ثمانية عشر شهرا هي المهلة التي تعطيها مسودة القانون التنظيمي للأحزاب
السياسية الجديد، للأحزاب والاتحادات الحزبية لملاءمة وضعيتها مع مقتضيات
هذا القانون.فهذه المادة 60 من القانون تقول :« يتعين على الأحزاب السياسية
واتحادات الأحزاب القائمة في تاريخ نشر هذا القانون التنظيمي بالجريدة
الرسمية، العمل على ملاءمة وضعيتها مع أحكامه، داخل أجل 18 شهرا من التاريخ
المذكور».