ماستر القانون والعلوم الادارية
مرحبا بكم في ماستر القانون و العلوم الادارية

يجب عليك التسجيل حتى تتمكن من الدخول الى المواضيع
ماستر القانون والعلوم الادارية
مرحبا بكم في ماستر القانون و العلوم الادارية

يجب عليك التسجيل حتى تتمكن من الدخول الى المواضيع
ماستر القانون والعلوم الادارية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ماستر القانون والعلوم الادارية

ماستر القانون والعلوم الادارية لجامعة عبد المالك السعدي بطمجة
 
الرئيسيةمكتبة الصورأحدث الصوربحـثالتسجيلدخول
Le Club Informatique FSJEST vous souhaitez bon chance pendant cette nouvelleanné univérsitaire
Le Deal du moment : -20%
Drone Dji DJI Mini 4K (EU)
Voir le deal
239 €

 

 المرأة وصنع القرار في المغرب للدكتور المختار الهراس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
le prince
Admin
Admin



Nombre de messages : 415
14/11/2008


المرأة وصنع القرار في المغرب للدكتور المختار الهراس  Empty
مُساهمةموضوع: المرأة وصنع القرار في المغرب للدكتور المختار الهراس    المرأة وصنع القرار في المغرب للدكتور المختار الهراس  Emptyالأحد 15 يناير - 5:56

الفصل الأول :
صنع القرار في المجتمع المغربي : الإطار المفاهيمي والسياق المجتمعي :
تمثل
مشاركة النساء في مواقع صنع واتخاذ القرار مشروعا حيويا بالنسبة لآفاق
التنمية ليس في المغرب وحده، بل في البلدان العربية عموما، وخطوة حاسمة في
اتجاه إنهاء التهميش الذي طال النساء خلال فترات من الزمن، وفي مختلف جوانب
حياتهم الشخصية والأسرية والمجتمعية.
وقد
استهل المختار الهراس فصله الأول من هذا الكتاب، بفهم وتحديد مفهومي صنع
واتخاذ القرار، سعيا منه لإزالة أي لبس أو غموض يحيط بهما، لينتقل فيما بعد
إلى تحليل مدى التطور الذي شهده في السنوات الأخيرة، السياق المجتمعي
والسياسي العام لمسيرة تحرر المرأة في المجتمع المغربي، وضبط مؤشرات
المشاركة النسوية في مواقع القرار.
لقد
تعددت النماذج التحليلية لعملية صنع القرار، ورغم ما يبدو من اختلاف بين
الباحثين في هذا الموضوع، إلا أن هناك عناصر اتفاق بينهم.
فالقرار
هو البث النهائي والإرادة المحددة لصانع القرار بشأن ما يجب وما لايجب
فعله للوصول لوضع معين وإلى نتيجة محددة ونهائية، إنه مسار فعل يختاره
المقرر باعتباره أنسب وسيلة متاحة أمامه لإنجاز الهدف أو الأهداف التي
يبتغيها لحل المشكلة التي تشغله.
وعلى
هذا الأساس، نجد مفهوم صنع القرار عند المختار الهراس مرتبط بنسق السلطة
القائم في المجتمع، وبالقدرة على اتخاذه وتنفيذه مهما كانت درجة توافقه أو
تعارضه مع مصالح فئة معينة.
وقد
أقام الهراس تمييزا مهما يوضح فيه الفرق بين اتخاذ القرار باعتباره عملية
تضم مجموعة من القواعد والأساليب تستعمل لتفضيل توجه معين أو اختيارات
معينة، وبين صنع القرار باعتباره عملية معقدة تمر عبر مراحل منهجية معينة
وعبر سلسلة من القرارات الفرعية.
ونظرا
لأهمية صنع واتخاذ القرار في تنظيم مسيرة الحياة التنموية والحضارية داخل
الدول، وخطورتهما في نفس الوقت لما قد يسببانه من فوضى في حال لم يؤسسا على
قواعد علمية وعملية قوية، فإنه ولابد من الإعتماد على خطوات وقواعد محددة
ومضبوطة في صنع واتخاذ أي قرار.
ولذلك
يعتبر الهراس أن ضمان النجاح في صنع القرار يتطلب أولا تحديد وحصر
المشكلة، ومن ثم تحليلها وتقويمها، فجمع المعلومات الكافية حولها، وأخيرا
وضع الحلول الممكنة واختبارها مقدما، فاختيار الحل الأنسب من بينها.
كما
يقتضي اتخاذ القرار أن يتمتع الفرد بالقدر الكافي من الخبرة والكفاءة،
ليحدد بسرعة ماذا يجب فعله. فالكفاءة والإرادة والسلطة في رأي الهراس، هي
الخصال المطلوبة من أجل اتخاذ القرار.
بعد
هذا التحديد المفاهيمي لمفهومي صنع واتخاذ القرار، سيعمل المختار الهراس
على رصد مؤشرات المشاركة النسوية في صنع القرار، وإبراز مدى التطور الذي
عرفته هذه المشاركة في مجموعة من القطاعات، سواء الإجتماعية أو الإدارية أو
الإقتصادية وحتى السياسية. ومع أن هذه المشاركة مازالت ضعيفة إلى حد ما،
إلا أن الهراس يعتبرها بمثابة مؤشر يدل على أن تحولا اجتماعيا حقيقيا قد
حصل في المجتمع المغربي، وأننا في بداية مسيرة نسوية شاملة باتجاه استكمال
قيم المواطنة وتقاسم مسؤولية الشأن العام مع الرجل.
وباعتماده
على مجموعة من الإحصاءات الرسمية وغير الرسمية المتوفرة بخصوص هذا
الموضوع، سيقدم المختار الهراس مقارنة دقيقة يبرز فيها مدى التطور الذي
عرفته نسبة مشاركة المرأة في مجموعة من القطاعات.
فقد
عرف قطاع الوظيفة العمومية خلال الخمسة عقود الأخيرة، ارتفاعا مهما في
نسبة تمثيلية النساء، وذلك نتيجة للجهوذ المبذولة من طرف الدولة والمتمثلة
أساسا في توفير أكبر عدد ممكن من المناصب المخصصة للنساء. كما شهد كل من
قطاع الصحة العمومية وقطاع التعليم العمومي، وباقي القطاعات المهنية
الأخرى، تطورا ملموسا يتمثل في ارتفاع نسبة مشاركة المرأة في هذه القطاعات.

ويفسر الهراس سبب هذا التطور
في كون المستوى التعليمي قد ساهم في خلق تطلعات مهنية لدى المرأة، وفي ظهور
وعي بأهمية المشاركة في القطاع المهني وكذا باقي القطاعات الأخرى. حيث
ظهرت مجموعة من النساء ممن يدرن العديد من الصحف والمجلات، إلا أن ما لاحظه
المختار الهراس في هذا الشأن، هو أن هذه الصحف والمجلات تهتم بالخصوص
بميادين متصلة إما بالأسرة أو التربية أو الثقافة، في حين يبقى الإهتمام
بالأحزاب السياسية من اختصاص الرجل، وبذلك فتأثير النساء على تكوين الرأي
العام في رأي الهراس لا زال ضعيفا إلى حد ما.
ومما
لا شك فيه، أن إصرار المرأة، والصراع والتنافس بينها وبين الرجل حول
اكتساب مواقع اجتماعية جديدة، بالإظافة إلى تزايد حجم المناصب المخصصة
للنساء في الميزانية العامة للدولة، قد ساهم في تطور نسبة مشاركة المرأة في
مجموعة من الميادين أبرزها ميدان الحقل السياسي.
وقد
حاول الهراس في هذا الفصل، أن يحفر بعمق في الأسباب التي كانت وراء تحويل
المرأة من مجرد موضوع للسياسة إلى فاعل سياسي بالأساس. ومن خلال المقابلة
التي أجراها مع السيدة راضية ( 48 سنة، أستاذة جامعية وبرلمانية، الرباط )
سيتبين له أن هناك عوامل أخرى وراء تزايد هذه المشاركة متصلة بفترة
الدراسة، هذه الفترة التي يعتبرها الهراس أهم فترة في حياة المرأة، لأنه في
إطارها تتفاعل أهم المبادئ و الأفكار التي ستسير على نهجها لاحقا.
كما
تساهم الأحداث داخل المجتمع والحركات السياسية والنظالية داخل الجامعات،
والدور الحاسم للأساتذة ، في بروز وعي مبكر نحو الإهتمام بقضايا الشأن
العام، وتطلع مستمر نحو شغل مناصب القرار السياسي.
ونظرا
للأهمية التي تلعبها مسألة مشاركة النساء في صنع القرار السياسي في تغيير
وتطوير الثقافة السياسية لكل مجتمع، وفي التطور الحقيقي نحو تحقيق التنمية
والديموقراطية، بحث المختار الهراس بعيدا في الأسباب التي جعلت المغرب
ولمدة ثلاثة عقود بعد الإستقلال أو أكثر، لا يسجل أي ارتفاع جدير بالذكر
بخصوص مشاركة المرأة في المؤسسات الجماعية و التشريعية.
وقد
استعرض في هذا الإطار مجموعة من الأسباب ذات طابع اجتماعي وأخرى ذات طابع
سياسي، منها على سبيل المثال لا الحصر: سيادة ثقافة ذكورية في مبادئها
وممارستها لا تسمح للمرأة ولو بالتفكير في الإنخراط في العمل السياسي، تحمل
المرأة ولوحدها أعباء الأشغال المنزلية، ارتفاع نسبة الأمية في صفوف
النساء، إضافة إلى غياب آليات الإستقطاب وإدماج النساء في الحياة الحزبية،
هذا إلى جانب عدم توافق مواعيد العمل الحزبي مع الظروف الشخصية للمرأة،
وكذلك ظهور ثقافة جديدة في الإنتخابات تعتمد على المرشح الغني الخ...
ومن
جهة أخرى، سيعتبر الأستاذ الهراس أنه أمام انتشار العمل الجمعوي، الذي كان
له الدور الأبرز في اعتماد مبدأ " الكوطا " في البرلمان الحالي لفائدة
النساء، ستعرف
المشاركة السياسية للمرأة بعض التقدم، وستبرز كفاءات نسائية أثبتت جدارة المرأة في تحمل عبئ المسؤولية شأنها في ذلك كشأن الرجل.
وقد
تبين من خلال بعض المقابلات التي أجراها المختار الهراس مع مجموعة من
النساء، أن انخراط المرأة في العمل الجمعوي كان له الدور الفعال في تمكين
النساء وإشراكهم في التنمية الإجتماعية، وضمان حقوقهم ومكانتهم داخل
المجتمع.
وقد نبه الهراس في هذا
الإطار إلى قضية مهمة تتعلق بتعدد المسارات النسوية قبل الإنخراط في العمل
الجمعوي، إذ أن هناك مجموعة من الحوافز وراء المشاركة في العمل الجمعوي،
والتي تتعلق بالأساس بالوسط الإجتماعي وكذا المسار الدراسي والسياسي. إن كل
تغير يطرأ داخل المجتمع هو ناتج عن مجموعة من التغيرات التي تمس بالأساس
البنى والعلاقات الإجتماعية، وأن وراء المشاركة المتزايدة للنساء في صنع
واتخاذ القرار، أسباب عميقة مرتبطة بالتغيرات التي مست النظام الإجتماعي
والسياسي والبنى والعلاقات الأسرية، إظافة إلى التحولات التي شهدتها
القوانين الوطنية والدولية المتعلقة بالأسرة والعلاقة بين الجنسين.
كل
هذه التغيرات استدعت الهراس إلى النبش في الأسباب الحقيقية وراء حدوثها،
حيث قدم تفسيرا مهما حول تطور النظام المجتمعي من وجهة نظر الإقتصاد
السياسي، باعتباره أن عدم توفر المغرب على مورد طاقي أو معدني ذي قيمة
مرتفعة في السوق الدولية، ساهم في دفع العديد من الأسر إلى قبول العمل
النسوي خارج البيت، مما ساهم في تزايد نسبة النساء ضمن المأجورين مع ما يتصل بذلك من تراجع سلطة الذكور على الإناث.
هذا
التغير في القيم الأسرية (تراجع سلطة الذكور على الإناث) وانفتاح المرأة
على العالم الخارجي، هو الذي ساهم في رأي الهراس في ارتفاع عدد المهاجرات
إلى المدينة وكذلك إلى خارج الوطن، وكل هذه العوامل ساهمت في الرفع من
مشاركة المرأة في صنع القرار في عدة مجالات أولها الأسرة.
ولم
يغفل الهراس دور التطور الذي عرفه النظام السياسي بفعل الإصلاحات التي
عرفها الحقل السياسي، في إدماج المرأة في التنمية، وفسح المجال أمام مشاركة
نسوية أوسع في الحياة الحزبية. فإصلاح مدونة الأحوال الشخصية سنة 1993،
وكذلك إصدار القانون الجديد للأسرة، أعطى للمرأة حقها ومشروعيتها في أن
يكون لها تواجد مهم في مواقع المسؤولية والقرار داخل الأحزاب السياسية.
كما
وقد أشار المختار الهراس إلى التغير الذي طرأ على البنيات الإجتماعية
والأسرية، ودوره في الرفع من فرص مشاركة المرأة في صنع القرار في المغرب،
خاصة على المستوى الأسري. ومن بين أهم عوامل هذا التغير يقول الهراس : تغير
أوضاع المرأة وتسارع التقدم التكنولوجي والإعلامي، وكذا بروز أشكال
عمرانية جديدة كانتشار التأجير، إضافة إلى تغير بنية الأسرة المغربية التي
صارت تفقد شيئا فشيئا طبيعتها الممتدة، وتكتسب عوضا عن ذلك خاصيات نووية
وأحادية، بالإظافة إلى أن أغلبية الأسر أصبحت تعتمد بالأساس أسلوب التفاوض،
عوض الأساليب السلطوية القائمة على أساس التشدد والعنف في إلزام أعضاء
الأسرة بقبول المعايير المتعارف عليها.
ويضيف
الهراس في نهاية هذا الفصل، أن قانون الأسرة الجديد وما أتى به من مكتسبات
جديدة في حق المرأة، أهمها إقرار المساواة وتقاسم المسؤوليات بين الجنسين،
ساهم في إقرار مجموعة من التغيرات السلوكية والتعبيرية والعلائقية التي
تسمح برسم معالم أسرة حديثة فردية وجماعية.
وبالرغم
من أن الدستور المغربي وباقي التشريعات الوطنية الأخرى، ومعظم الإتفاقات
الدولية التي وقع عليها المغرب والمتعلقة بخصوص المشاركة السياسية للمرأة
المغربية، والتي تخول للمرأة التمتع بكافة الحقوق السياسية التي يتمتع بها
الرجل، إلا أن الهراس يرى بأن كافة هذه الحقوق اختزلت في ممارسة المرأة
حقها كناخبة، ويقيت المشاركة النسوية في كافة القطاعات، جد متواضعة.
الفصل الثاني صنع القرار في إطار أدوار وعلاقات النوع الإجتماعي :
اعتمادا
على معطيات عمله الميداني، سيحاول المختار الهراس في هذا الفصل أن يربط
مفهوم المشاركة في صنع واتخاذ القرار بالإطار الإجتماعي– الثقافي،
والإقتصادي– المهني، والسياسي– المدني، مع أخذه بعين الإعتبار ثقافة النوع
الإجتماعي وانعكاساتها على العلاقات القائمة بين المرأة والرجل.
فماذا يعني أولا مفهوم المشاركة عند المختار الهراس ؟
لقد اعتبر الهراس مفهوم المشاركة كظاهرة حضارية وديموقراطية، وبرهانا على وعي المجتمع بذاته.
فهي
تعني مزاولة أنشطة سياسية واجتماعية ( الإنضمام إلى الأحزاب أو الجمعيات…)
وكذا وضع وصياغة التوجهات الأساسية وتنفيذ البرامج والمشروعات على الصعيد
المحلي أو المركزي.
ورغم أن الحق
في المشاركة من حقوق الإنسان الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان،
وفي كل المواثيق الإقليمية المتعلقة بحقوق الإنسان، إلا أن مشاركة المرأة
المغربية في صنع القرار تبقى ضعيفة بالمقارنة مع الرجل، ومرتبطة أساسا بما
لدى المرأة من رأسمال دراسي، ورصيد مهني، ومرونة في استعمال الوقت وتنظيمه
داخل وخارج البيت.
ومن هذا
المنطلق يعتبر الهراس أن تزايد نسبة التعليم بين النساء، وخروج أعداد
متواضعة منهن إلى ميدان العمل، يعتبر من العوامل الأساسية التي ساهمت في
ارتفاع نسبة مشاركة النساء في صنع القرارات.
حيث
كشفت مجموعة من البحوث والدراسات السوسيولوجية المتخصصة، أن لعاملي
التعليم والعمل، دور أساسي في تعزيز قدرة المرأة على اتخاذ القرار في نطاق
الأسرة، وفي بروز شكل جديد من التفاعل بين الزوج والزوجة.
فكلما
كان السلم المهني والمستوى التعليمي للزوج والزوجة مرتفعا، كلما تنامت
كثافة التواصل بينهما، وكلما صارت للمرأة قدرة أكبر على المشاركة والحسم في
مجموعة من القرارات والمواقف المعاشة داخل الأسرة.
ومن
خلال بعض المقابلات التي أجراها الهراس مع فئة من النساء، سعيا منه إلى
إبراز محددات المشاركة في الإطار التربوي الثقافي، سينتبه إلى أن التنشئة
الإجتماعية من قيم وأعراف وأنماط سلوك الراسخة في ذهنية بعض النساء، تجعلهن
يعتبرن أن جل المسؤوليات الأسرية والأعباء المنزلية هي من اختصاصهن ولا
دخل للرجل بها. وهذا هو الحال مثلا بالنسبة للمرأة الموظفة التي تؤدي
واجبها خارج البيت، وفي الوقت ذاته هي مطالبة بإنجاز الأشغال المنزلية، في
حين تبقى مساعدة الزوج في غالبها مساعدة مادية. فالمشاركة في الحياة
الزوجية تعني أن كل من الزوجين يجب أن يشارك الآخر في بناء الأسرة بمسؤولية
متوازنة، وبقدر من المساواة في تقسيم الأدوار داخل البيت.
إلا
أن الأدوار الأسرية التقليدية للزوجين كما أشار الهراس، لم تتغير في أغلب
الأسرالمغربية، باستثناء بعض الحالات التي تساهم فيها العوامل الثقافية
بشكل بارز في الدفع بالمرأة المثقفة نحو المشاركة في القرارات المتخذة.
وفي
الإطار الاقتصادي المهني، يرى الهراس أن هناك اختلافا كبيرا في مستويات
القرار بين المرأة الموظفة التي تتخذ قراراتها بمحض إرادتها وبحسب
إمكانياتها المادية، وبين ربة البيت التي وبالرغم من اتخاذها بعض القرارات
التي لها علاقة بالحياة اليومية للأسرة، تبقى تحت سلطة الزوج وتابعة لما
قرره هو ووافق عليه من مقدار مالي.
فعمل
المرأة في رأي الهراس، ومساهمتها في ميزانية الأسرة، وتقسيم المصاريف
الأسرية بينها وبين زوجها، سمحا لها باتخاذ بعض القرارات وفرض سيطرتها
ومكانتها داخل الأسرة.
إذ أصبحت
المرأة العاملة في غالب الأحيان تتكلف بمصاريف المطبخ والتجهيزات وملابس
الأطفال، فيما يتكلف الزوج بالكراء و فواتير الماء والكهرباء وتعليم
الأطفال.
فالتدبير والحوار
والمشاركة في اتخاذ القرارات بين الزوجين داخل الأسرة، مسألة حسساسة ومهمة
في بناء أسرة منظمة، إلا أن هذه المشاركة يقول الهراس، تبقى منعدمة
في إطار الأسر الفقيرة، حيث ينعدم الحوار ويصير الطابع العشوائي هو السائد على القرارات المتخذة داخل الأسرة.
ففي
ظل غياب الإمكانيات المادية، يبقى الزوجين عاجزين حتى عن صنع أبسط
القرارات، وهذا هو واقع أغلب الأسر المغربية التي تعاني من الفقر والأمية.
وفي
إطار فهم وتحديد محددات أخرى تتعلق بالمشاركة النسوية في صنع القرار،
سيطرح الأستاذ الهراس مجموعة من المواقف التي تهم عمل المرأة ووظيفتها داخل
الأسرة، وذلك من خلال بعض المقابلات التي أجراها مع نساء ورجال، تبين له
من خلالها أن هناك بعض النساء يعتبرن أن العمل يلائم الرجل أكثر من المرأة،
في حين ترى أخرى أن المشكلة ليست في عمل المرأة بل في عقلية الناس، بحيث
أنه مازال هناك بعض الناس ممن يحتقرون خروج المرأة للعمل، فما يفعله الرجل
يمكن أن تفعله المرأة كذلك، وما تقوم به المرأة من أعمال منزلية داخل
البيت، يمكن للرجال أيضا أن يفعلوه.
غير
أن أغلب الرجال يعتبرون أن مزاولة الأعمال المنزلية مساس بذكورتهم، وأنهم
ما إذا قاموا بذلك، فإنهم سيفقدوا تلك الهيبة التي يحضون بها داخل الأسرة.
باستثناء بعض الرجال (المثقفون) ممن يرون بأنه لا وجود لأي مانع من تقاسم
الأدوار داخل الأسرة،
وأنه لا
وجود لأي اختلاف بين المرأة والرجل من حيث قدرتهما على احتلال مواقع
القرار، شريطة أن يكون إسناد هذه المسؤولية خاضعا لعاملي الكفاءة والخبرة.
والملاحظ
هنا، أن المواقف التي تدعو إلى تقاسم الأدوار بين الزوجين، ومشاركة المرأة
للرجل في صنع القرارات، هي أغلبها مواقف لفئة تمتلك رأسمال ثقافي واقتصادي
معين، في حين تبقى مثل هذه المواقف غائبة تماما في ظل الأسر الفقيرة
والمهمشة.
وعلى هذا الأساس،
يعتبر المختار الهراس أن ثقافة النوع تؤثرهي الأخرى وبقوة في مدى وطبيعة
مشاركة النساء في صنع واتخاذ القرار. و ما احتكا ر الصنف الذكوري لمناصب
القرار، إلا نتيجة لتمثل للمرأة كنوع اجتماعي دوني يتم استبعاده من مناصب
القرار. فسيادة تلك الثقافة التي تعتبر خروج المرأة للعمل بمثابة رجس يجب
اجتنابه داخل المجتمع، وخصوصا في وسط الأسر الفقيرة، هو السبب في رأي
الهراس وراء ضعف المشاركة النسوية في احتلال مواقع القرار.
فكيف
ستتحقق التنمية بمعناها الشامل في غياب مشاركة حقيقية للمرأة في مواقع صنع
القرار؟ وما هي المعيقات والحواجز التي لا تسمح سوى لفئة محددة من النساء
من ولوج مناصب المسؤولية والقرار؟
إن
مشاركة المرأة في صنع القرار، تقتضي أولا كما أشار إلى ذلك الهراس، توفر
إمكانات مادية وشروط ثقافية واجتماعية معينة، ذلك أن العنصر المادي هو الذي
يحدد استقلالية الرأي والقرار داخل الأسرة.
كما
أن طبيعة التقسيم الجنسي للعمل في رأي المختار الهراس، وما يتصل به من
مسؤوليات ، يحصر المرأة في المجال المنزلي ويبعدها بالتالي عن النشاطات
الجارية في المجال العمومي.
ويضيف
الهراس موضحا في هذا الفصل الثاني، أن المعايير الأبوية المتجسدة في
علاقات السيطرة والخضوع، مازالت تحتل دورا رئيسيا في تكريس واستمرار
اللامساواة بين الجنسين، وبالتالي عدم إعطاء أي فرصة للمرأة بأن تشارك
زوجها في اتخاذ القرارات الأسرية. لكن ومع إصرار المرأة المغربية على إثبات
شخصيتها وفرض وجودها، وانفتاحها على سوق الشغل، وانخراطها في العمل
الجمعوي، أصبحت سلطة الزوج داخل الأسرة تتقلص، وأصبحت المرأة تعزز مكانتها
داخل الأسرة شيئا فشيئا.
وهذا ما
ستشير إليه المعطيات الميدانية التي خلص إليها الهراس. ففيما يخص مشاركة
المرأة في صنع واتخاذ القرار على مستوى الصحة الإنجابية، يوضح المختار
الهراس بأن القرار المتعلق بالإنجاب وعدد الأطفال، صار في أغلب الحالات
قرارا مشتركا بين الزوجين، لأنه أمر يخصهما معا، إذ لا يمكن لأي أحد منهما
أن يتخذ أي قرار بصفة فردية دون إشراك الطرف الآخر.
كما
أن المشاركة النسوية على مستوى مؤسسات المجتمع المدني، عرفت انخراطا مكثفا
في الأنشطة الجمعوية والحقوقية والثقافية، وهذا التطور يرجع في رأي الهراس
إلى إصرار وتحدي المرأة لمحاربة الثقافة التقليدية السائدة داخل مجتمعنا
المغربي، والتي تعطي السلطة للذكور وتقوم باستبعاد النساء.
إن
مشاركة المرأة في العمل الجمعوي مكنها من إبراز وتأكيد مكانتها داخل
الأسرة، وهذا راجع أساسا إلى التفاعل الموجود بين صنع القرار في كل من
الجمعية والأسرة.
في حين أن
مشاركة المرأة في صنع القرار على مستوى مؤسسات الدولة لا زالت ضعيفة، حيث
يتم إقصائهن لفائدة الرجال بفعل سيادة تلك الأفكار المسبقة التي تعتقد بأن
المرأة سريعة التأثر والإنفعال وليست لها قدرة كافية وتجربة عالية تؤهلها
لشغل المناصب المهمة. وحتى وإن كان هنالك بعض النساء اللواتي حصلن على
مناصب هامة في الإدارة، إلا أنه لا يسمح لهن باتخاذ أي من القرارات
النهائية ذات طبيعة استراتيجية.
كما
أن مشاركة المرأة في صنع واتخاذ القرار كما يؤكد على ذلك المختار الهراس،
تختلف مثلا حسب موقعها داخل الجهاز السياسي، بالإظافة إلى مستواها
التعليمي، ومميزاتها الشخصية، ومدى قدرتها على فرض وجودها داخل الحقل
السياسي.
وفي نهاية هذا الفصل،
استعرض المختار الهراس مجموعة من المعيقات والحواجز التي تحد من المشاركة
النسوية في احتلال مواقع صنع واتخاذ القرار. ومنها على سبيل المثال
لا الحصر : عدم استعداد المرأة لأخذ المبادرة والتوجيه بإرادة منها نحو ما
تريد تحقيقه ، بالإظافة إلى غياب الجو الديموقراطي ومبدأ المساواة إما
داخل البيت أو داخل دواليب الإدارة، بدون إغفال نقص الموارد المادية،
والإفتقار إلى تجربة قوية على مستوى صنع واتخاذ القرار، خاصة في المجال
السياسي.
ويمثل الموقف السلبي
للمجتمع اتجاه المرأة العاملة، عائقا أكبر أمام تحقيق هذه المشاركة، والذي
لا يتيح في رأي الهراس، أية فرص تشجع المرأة على استمرارها في عملها،
استنادا إلى مبررات تتعلق بطبيعتها كأنثى.
خلاصة:
تبقى
قضية مشاركة المرأة في صنع واتخاذ القرار، ليس في المغرب وحده ولكن في
الأقطار العربية عموما، محكا لكل تطور حقيقي نحو تحقيق الديموقراطية ونجاح
المسيرة التنموية والحضارية لهذه الدول.
ومن
خلال كتابه " المرأة وصنع القرار في المغرب "، استطاع الأستاذ المختار
الهراس أن يقدم مقاربة واعية حول آليات صنع القرار بالمغرب وحول واقع
المرأة المغربية بالخصوص، ومدى مساهمتها في صنع واتخاذ القرار، مبرزا أهم
العوامل المحددة لهذه المشاركة، وأهم المشاكل والمعيقات التي تواجه النساء
في ولوج مراكز اتخاذ القرار، سواء في المجال الإقتصادي أو السياسي أو
المدني.
فرغم التحولات التي
عرفها المجتمع المغربي والتغيرات التي مست العلاقات والبنيات الإجتماعية،
إلا أن تلك السلطة الإجتماعية التقليدية التي مازالت تضفي المشروعية على
سلطة الذكور وتمنحهم الإمتياز في صنع واتخاذ القرار، جعلت من مشاركة المرأة
في مواقع صنع القرار مشاركة ضعيفة إذا ما قارناها مع المشاركة الذكورية.
وبالرغم من اتساع نطاق مشاركة العديد من النساء في ميادين شتى من الحياة
الاجتماعية المغربية، إلا أنهن عموما مقصيات ومبعدات عن مراكز النفوذ
الإقتصادي والسياسي والإداري والعسكري، ومازالت مجمل الوظائف السامية في
أغلب الدول والحكومات بين أيادي الرجال
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المرأة وصنع القرار في المغرب للدكتور المختار الهراس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تمويل الأحزاب السياسية في المغرب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ماستر القانون والعلوم الادارية :: ماستر القانون والعلوم الادارية :: الحكامة الانتخابية-
انتقل الى: